حصار عراق المنشية قصة للأطفال

أوت 18, 2012

الناشر: دار ابن رشد للنشر والتوزيع عمان الاردن 1984

قصة للأطفال تتحدث عن نضال الشعب الفلسطيني

قبل وأثناء حرب 48 وتتحدث عن بطولة الشعب الفلسطيني

بمشاركة الجيوش المصرية والاردنية والسودانية

وهي من قصص الواقع المر للشعب الفلسطيني اثناء تهجيرهم عن ديارهم قسوة

قصة حصار عراق المنشية

نداء…نداء…نداء.من قاعدة القسطل في مخيم الحصن الى قاعدة عين جالوت في مخيم اربد هل تسمعني اجب؟

قائد قاعدة عين جالوت…محمد.يتكلم…

من اّمر قاعدة القسطل الى امر قاعدة عين جالوت متى سيتم أطلاق المركبة عيبال؟

محمد قائد المركبة خليل,ومساعدة ليلى,ومبرمج الكمبيوتر عز الدين,ومهندس الاتصالات نوح,يقومون بتجهيز أنفسهم للرجوع من مخيم أربد,عام1985م,الى قرية عراق المنشية عام 1948م.انتهى.

خليل يا عز الدين ما هي المعلومات التي في الكمبيوتر عن عراق المنشية؟

}يقوم عز الدين بتشغيل الكمبيوتر,وتظهر على الشاشة المعلومات التالية.

ليلى ما هي المحصولات الزراعية في القرية؟

نوح لقد حدثني جدي أنهم كانوا يزرعون,القمح والشعير والأشجار المثمرة ,

والصبر كسياج يقي هذه المزروعات من الآفات,ويتمتعون بثمره اللذيذ.

خليل لربطوا الأحزمة!

}ويقوم خليل بإدارة محرك المركبة عيبال{

وتنطلق عيبال بسرعة فوق الجبال والسهول,وهم الآن فوق بيارات الغور الأردني…وتتابع المركبة عيبال السير باتجــاه الغرب.

ليلى أين نحن الان,وما هو التاريخ؟

ينظر عز الدين إلى الكمبيوتر,نحن فوق عاصمتنا الجميلة القدس,ونحن في عام 1969م…

وتنظر ليلى من النافذة وتصرخ يا الله…إن الدخان يتصاعد من المسجد الأقصى.

عز الدين الله أكبر,فالمسجد الأقصى لم يسلم من كيدهم ومكرهم.

ليلى ما هي المحصولات الزراعية في القرية؟

نوح لقد حدثني جدي أنهم كانوا يزرعون,القمح والشعير والأشجار المثمرة ,

والصبر كسياج يقي هذه المزروعات من الآفات,ويتمتعون بثمره اللذيذ.

خليل لربطوا الأحزمة!

}ويقوم خليل بإدارة محرك المركبة عيبال{

وتنطلق عيبال بسرعة فوق الجبال والسهول,وهم الآن فوق بيارات الغور الأردني…وتتابع المركبة عيبال السير باتجــاه الغرب.

ليلى أين نحن الان,وما هو التاريخ؟

ينظر عز الدين إلى الكمبيوتر,نحن فوق عاصمتنا الجميلة القدس,ونحن في عام 1969م…

وتنظر ليلى من النافذة وتصرخ يا الله…إن الدخان يتصاعد من المسجد الأقصى.

عز الدين الله أكبر,فالمسجد الأقصى لم يسلم من كيدهم ومكرهم.

}تتابع المركبة عيبال سيرها,بأتجاه الجنوب الغربي.

خليل تأكدوا من الأحزمة لنستعد للهبوط.

وتبدأ المركبة عيبال بالهبوط تدريجيا…مثيرة الغبار.ويقوم نوح بالاتصال مع القاعدة عين جالوت…ويخبرهم أنهم وصلوا بسلام قرب عراق المنشية.وأن التاريخ}31/10/1948{الساعة الرابعة مساء.

خليل هيا لنحضر أغصان الأشجار لتتم تغطية عيبال.

ليلى لمن هذه الطائرات التي تحلق في السماء؟

نوح أنها طائرات مصرية,فالعلم المصري مرسوم عليها.

}وتبدأ الطائرات بأنزال صناديق,ويسير الجميع على بركة الله,وراء بعضهم البعض{.

عز الدين أنظروا إلى تلك العجوز التي تجلس أمام غرفتها.

خليل هيا نذهب اليها.

ليلى :مرحبا أيتها الجدة.

الجدة: }تتوقف عن طحن الحبوب{آهلا وسهلا,من انتم؟!!

خليل :نحن زائرون للقرية,اردنا التعرف على معالمها الأثرية.

الجدة: ارتاحوا الليلة عندي,فالمصفحات اليهودية محيطة بالقرية,من جميع الجهات.

}}ويدخل الاطفال غرفة الجدة{{

ليلى :اين الماء يا جدة فأنا عطشى؟؟

الجدة: سأذهب لإحضار الماء من البئر الشرقي.

ليلى :سأذهب معك يا جدة.

}وفي الطريق,تلاحظ الجدة إسماعيل,وتنادي عليه{

الجدة :ماذا تفعل هنا يا بني؟

إسماعيل: قالت لي أمي اذهب إلى الجدة لتنام عندها.

ليلى :مرحبا يا إسماعيل,كيف حالك؟

إسماعيل :من هذه الطفلة يا جدة؟!!

وتخبره الجدة عن ليلى وأصدقائها…ويرجع الجميع إلى البيت,وفي الطريق تسأل ليلى أتدرس في المدرسة؟

اسماعيل: نعم أدرس في مدرسة القرية.

ويصل الجميع بيت الجدة,وتقوم ليلى بتعريف اسماعيل على اصدقائها…ويحكي لهم عن دروسه وشعره الشعبي الذي ينظمه.

نوح :أنشدنا من شعرك؟

}اسماعيل ينشد{

بلدي عراق المنشية بروحي ودمي بفديها

وأفديها بنور عنيي وعمري ما فرط فيها

صمدت بوجه العدوان وما قدر يدخل فيها

عظيمة عراق المنشية وأبوي استشهد فيها

بلدي عراق المنشية تعتذز بأهاليـــها

الجدة: أعددت لكم الطعام فهيا نأكل.

ويقوم الجميع لتناول طعام العشاء,وبينما هم يتناولون العشاء…

طرق على الباب…

وتسأل الجدة من الطارق؟…نحن يا جدة…تقوم الجدة بفتح الباب…

تفضلوا…تفضلوا إلى العشاء معنا…

خليل: من هؤلاء الشباب؟!!

ويرد أحد الشباب قائلا:جئنا من الضفة الغربية نحمل الأسلحة والتموين لأهالي عراق المنشية…ويطول الحديث بينهم…وبعد ذلك يذهب الجميع إلى النوم استعدادا لدخول البلدة في منتصف الليل نهض الجميع…وغادروا بيت الجدة لدخول عراق المنشية…ووصلوا الأسلاك الشائكة التي نصبها العدو حول البلدة.

خليل:يا..نوح…يا نوح!!

نوح:ما بك يا خليل؟

خليل:قميصي علق بالأسلاك.

نوح:ها أنا آت لكي أخلصك منها…

ودخل الجميع عراق المنشية…فدعاهم اسماعيل إلى بيته فأعتذر الشــباب لأنهم سيرجعون الليلة…وذهب الأطفال إلى بيت إسماعيل,ليقضوا بقية الليل.

وفي الصباح الباكر من أول أيام تشرين الثاني عام1948م نهض الجميع على صوت عنيف…

خليل:ما هذا؟ما هذا؟!!

عز الدين:}اطل من النافذة…{أعتقد إن المدفعية تقصف البلدة…

أحد الجنود:اختبئ يا عزيزي حتى يهدأ القصف واغلق النافذة}…وبعد ساعات من القصف المتواصل{..

ليلى:لقد توقف القصف هيا بنا نخرج..

وخرج الأطفال وتوقفوا فجأة.

عز الدين:من هذا الذي يقف أمام الجنود؟

أحد الجنود:أنه قائدنا جمال عبد الناصر…

ليلى:هدوء لنسمع ماذا يقول القائد جمال عبد الناصر.

جمال عبد الناصر يخاطب الجنود:

ان العدو نقض اتفاقية ايقاف القتال وانه قام بضرب البلدة بالطائرات

عز الدين انهم قوم غدارون وجبناء

ليلى أين سنذهب الان؟

أسماعيل سنذهب الى اولا الى خربة كلحة والبراجية ومن ثم الى خربة الجديدة

وسنشاهد الفسيفساء والابار القديمة وصهاريجا مهدمة واكواما من الحجارة والفخار وفي الطريق بدأت الامطار تتساقط خفيفة

ولكنها لم تمنعهم من اكمال الرحلة وعند الطريق الاسفلتي

الموصل الى الخراب  بدأالرصاص يتساقط عليهم بكثرة

خليل ايها الاخوة اختبئوا جيدا

وركض الجميع الى خلف الصخرة الكبيرة ولكن رصاصة كانت اسرع من ليلى فأصبتها بقدمهاوبدأت بالصراخ

خليل ارجع يا نوح لترى ماذا حدث لليلى؟؟

نوح هل أنت بخير؟

ليلى تشير الى قدمها تعالي لاساعدك

فيسندها على كتفه وينطلق بها خلف الصخرة

عز الدين لقد توقف الرصاص

نوح ماذا سنفعل الان؟

اسماعيل لا بد من أخذها الى مركز الاسعاف وبسرعة حمل نوح ليلى

وفي مركز الاسعاف أجرى لها العلاج اللازم وعدوا بها الى بيت اسماعيل

ولم يدم جلوسهم في البيت طويلا حتى سمعوا صوت المدافع من جديد

خليل يا للهول انه القصف مرة اخرى

نوح لنسرع الان وفي الصباح سنرى ماذا حدث

ونهض الجميع مبكرين وذهبوا الى البلدة

عز الدين  انضروا المصفحات اليهودية تقترب بأتجاة البلدة

نوح ماذا سنفعل؟

خليل لنأخذ اسلحتنا وننتشر لنساعد الجنود العرب في الدفاع عن الارض والشرف

احد الجنود أضربوا تلك المصفحة التي تقترب بأتجاهنا

خليل خذها ايها العدو

نوح الله الكبر لقد دمرنا مصفحة الله اكبر

احد الضباط ايها الجندي اضرب تلك المجنزرة بالهاون

الجندي خذها يا عدو الله

خليل انهم يتراجعون لقد هربوا

عز الدين ما زلت اسمع صوت المدفعية

أحد الجنود أعتقد أنها مدفعيتنا في الفالوجة تفصف التجمعات اليهودية

نوح اين هذه التجمعات؟

أحد الجنود أنها فوق تبة الشيخ وفي مستعمرة جات

خليل كيف سنعرف أخبار هذا القصف؟

الجندي لا بد وان يتصلوا بنا

جندي اخر ابشروا يا اخوان لقد استطاعت مدفعيتنا ان تلحق بهم خسائر كبيرة

الجميع الله اكبر الله اكبر

خليل ماذا تفعل يا نوح؟

نوح أقوم بعد قتلى اليهود

خليل وشهدائنا؟

نوح سأقوم باحصائهم ايضا

وبعد وقت قصير ذهب الجميع الى البيت

خليل كيف حال قدمك يا ليلى؟

ليلى الحمد لله انها جيدة

وبعد تناول طعام العشاء ذهب الجميع الى النوم

وفي الصباح الباكر خرج الاطفال الى البلدة

نوح انتبهوا المدفعية اليهودية بدأت تقصف

أحد الجنود ينادي بأعلى صوته المصفحات اليهودية دخلت البلدة بأتجاه الدرسة وبأ القتال يشتد

نوح الى أين أنت ذاهب؟

خليل سأذهب لاساعدك في حمل الجندي الجريح

أحد الجنود يقذف بالهاون فيدمر أحدى المصفحات

نوح سقط شهيد يا اخوان هيا لنحمله

وبعد ذلك يقوم بعد القتلى

أحد الضباط هناك ثمانية خيول وخمسة وعشرون فارسا عربيا وبكامل اسلحتهم قادمون الينا

خليل: الله أكبر…جاءت النجدة

عزالدين: الله أكبر, الجميع يقاتل, فالفلسطيني يقاتل, وبجانبه المصر,والاردني والسوداني

نوح: نحن لغتنا وعقيدتنا وتراثنا وآمالنا واحدة

“ووصل المتطوعون عراق المنشية”

قائد المتطوعين يخاطب جنوده قائلا: اسمحوا لي بالمغادرة الى الخليل لمهام هناك

عزالدين: ومن سيبقى قائدنا للمتطوعين

قائد المتطوعين: سيكون رقيب من قوات شرق الاردن قائدا

“ويذهب القائد الى الخليل”

خليل : اسمعوا: القائد جمال عبدالناصر يتكلم بجهاز اللاسلكي

“الى الفرق الاحتياطية, ابدأوا بسد الثغرة التي فتحها العدو..انتهى

عزالدين: اليهود بدأوا بدخول البلدة

أحد الجنود: اضربوهم بالقنابل والهاون لا ترحموهم

نوح: الطائرات اليهودية بدأت بالقصف

“واستمر القتال ساعات طويلة”

عزالدين: ماذا هناك يا خليل؟

أحد الضباط:اضربوهم بالقنابل والهاون لا ترحموهم.

نوح:الطائرات اليهودية بدأت بالقصف..

{واستمر القتال ساعات طويلة}

عز الدين:ماذا هناك يا خليل؟

خليل:تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في هذا اليوم27/12/1948م

نوح:الله أكبر,خسائر العدو في هذا اليوم أكثر من 400قتيل يهودي.

ويأمر القائد جمال عبد الناصر الجنود,بدفن هؤلاء اليهود حالا.

عز الدين:هيا نذهب لنساعد في الدفن.

إسماعيل:يا نوح كم عدد القتلى اليهود؟

نوح:حصيلة المعارك جميعها أكثر من 600 قتيل

عز الدين:وشهدائنا؟

نوح:150جنديا مصري,200جندي عربي 150شهيدا فلسطينيا.

خليل:هنيئا لهم يا نوح…….هيا بنا نعود إلى بيت إسماعيل,لنأخذ ليلى ونذهب إلى الجدة:….

ودع الأطفال إسماعيل,وذهبوا إلى بيت الجدة.

الجدة:أهلا وسهلا بكم مرة أخرى في بيتكم…وبقي الأطفال عند الجدة في

تلك الليلة..وفي الصباح وبعد تناول طعام الإفطار…فتحت الجدة صندوقا خشبيا,وأخرجت منه ثوبا مطرزا.

الجدة:خذي هذا الثوب يا ليلى.

ليلى:يـا الله,انه جميل,شكرا لك يا جدة!

الجدة:وهذه حفنة من تراب,يا خليل…لكي تتذكروا دائما أهل وتراب عراق المنشية.

ويشكر الاطفال الجدة,وقاموا بتوديعها.

خليل:هيا بنا إلى المركبة!

نوح:الحمد لله…المركبة عيبال سليمة…ويقوم الجميع بإزالة أغصان الأشجار…ويدخل الجميع إلى المركبة.

خليل:من قائد المركبة عيبال,إلى قاعدة عين جالوت في مخيم اربد…هل تسمعني أجب….

محمد:أسمعك جيدا تكلم:

خليل:نحن قادمون اليكم بأذن الله….

ويدور خليل المحرك,وتنطلق عيبال,بسرعة كبيرة إلى عام1985م في مخيم اربد.
محمد:أهلا وسهلا بكم…كيف كانت رحلتكم؟

ليلى:كيف السبيل إلى أعادة عراق المنشية الى أهلها؟

محمد:بالوحدة والايمان والسلاح يا ليلى,سترجع عراق المنشية,وكل قرية فلسطينية,بأذن الله.

{ويبدأ الجميع بالإنشاد}

بلدي عراق المنشية                                                       بروحي ودمي بفديها

بفديها بنور عينيي                                                         وعمري ما فرط فيها   

 

طفل في الجامعة قصة للأطفال

أوت 18, 2012

الناشر: دار الينابيع للنشر والتوزيع عمان 1994

قصة من واقع انتفاضة اهلنا في فلسطين المحتلة

وهي مزيج ما بين الواقع الاليم والخيال

 

القرية

الطريق

مدينة بيرزيت

في البيت

في الجامعة

وردة للجريح

اعلام ترفرف

المظاهرة

غابة حيفا قصة للأطفال

أوت 18, 2012

الناشر: دار قدسية للنشر والتوزيع اربد الاردن 1991

قصة من الواقع الفلسطيني للأطفال تتحدث عن

العمليات الفدائية التي كان يقوم بها شعبنا من جنوب

لبنان والهجوم على على المواقع العسكرية الاسرائية

وهي مزيج بين الواقع والخيال مشوقة جدا للطفل العربي

الإهـــــداء

غابة حيفا الحزينة

خالد طفل في السابعة من عمره, أحس بضجر قاتل, فخرج من بيته إلى غابات حيفا الخضراء, أشجار الغابة حزينة هذا الصباح, رأى الجداول تنساب عبر الأشجار بحزن شديد, فكر خالد بهذا الحزن الذي يخيم على غابته فقال في نفسه

ربما تكون حزينة على شئ هام جدا, فقر ر آن يواسيها فيمتع نظره بأشجارها الخضراء, ويطارد الطيور والفراشات.. سأل خالد نفسه

لماذا تغرد الطيور بصوت حزين والفراشات لا تطارد بعضها بعضا؟؟ تابع خالد سيره على حافة الجدول, وهو يفكر في أمر غابته, توقف فجأة … شاهد شابا وسيم الشكل ممدا على الأرض, يلبس كوفية مرقطة وبدلة كاكي مموهة بألوان جميلة, نظر خالد جيد, شاهد الدماء تنزف من كتفه… أسرع إلى الشاب ليحاول مساعدته, وليعرف حكاية هذا الشاب ودمه الأحمر.

الفدائي الشجاع

غسان الشاب الجريح, وصل إلى وطنه فلسطين قادما من جنوب لبنان فرحا بلقاء عدوه إما النصر أو لقاء ربه شهيدا, الفرح يغمر قلبه لأنه سيرى…. سيرى ارض الآباء ,والأجداد, ويقاتل من قتلوا أباه وأمه وهدموا منزلهم وسلبوا أرضه في حيفا,لهذا التحق مع الأشبال وهو في السابعة من عمره, فتدرب على حمل السلاح والقنابل اليدوية, وعندما كبر اصبح فدائيا لا يخشى الموت, لأنه يعرف الهدف جيدا, إما النصر..أو الشهادة..

ليس غسان بدلته المموهة وكوفيته المرقطة,وحمل سلاحه وسار مع رفاقه إلى بلدهم فلسطين فاجتازوا الحدود اللبنانية الفلسطينية بكل مهارة وذكاء ساروا تحت المطر المتساقط خفيفا بين الجبال والوديان,وبعد يومين من المسير المتواصل نفذ الطعام منهم فدخلوا في غابة رائعة الجمال وهي إحدى غابات مدينة حيفا الجميلة,فقطفوا من ثمارها وأكلوا,أحس غسان انه يعرف هذه الغابة جيدا,لكنه لم يعرف بان أباه كان يخرج إلى هذه الغابة مع شروق الشمس ولا يفارقها إلا مع غروبها,جلس غسان ورفاقه تحت شجرة زيتون ضخمة ولذيذة الثمار,ليستريحوا ويستعدوا للغد.

الدورية

وبعد استراحة استمرت اكثر من ساعة,سمع غسان صوت سيارات عسكرية تسير في الطريق العام,بجانب الغابة فأيقظ رفاقه وقال:أتسمعون هذه الأصوات….؟هيا أيها الاخوة لنأخذ حقنا ….قال:أحد الرفاق:كم تعتقد عدد السيارات يا غسان؟ إجابة غسان.

لا اعرف.. . .. ويعلوا أكثر قال غسان بدا صوت السيارات يعلو ربما ثلاث أو أربع السيارات

ماذا سنفعل أيها الرفاق..؟السيارات اليهودية قادمة..وهذه فرصتنا…بدات الأمطار تتساقط بغزارة على الغابة الجميلة,البرق بدا يشعل أسرجته والرعد يدق نواقيسه,تهللت وجوه الشباب فابتسموا…

حمل غسان ورفاقه أسلحتهم وأمتعتهم وبدوا بالسير بين أشجار الغابة الرائعة,بدأت المياه بتشكيل المستنقعات وابتلت أحذيتهم وملابسهم من مياه الأمطار,بدأوا يسمعون صوت السيارات أعلى فأعلى…قال أحد أصدقاء غسان:يجب

قال أحد أصدقاء غسان:

يجب أن نسرع أكثر…

ظهرت لهم الطريق كحية ملتوية سوداء اللون, كانت الطريق نظيفة فمياه الأمطار قد غسلتها من التراب وأوراق الأشجار المتساقطة, وصل الأبطال إلى الطريق واستعدوا للهجوم؟؟؟

الكمين

وضع غسان ورفاقه أمتعتهم على الطريق, توقف المطر عن الهطوا, صوت السيارات بدأ يعلو أكثر فأكثر, اخرجوا الألغام من الحقائب, بينما اخرج أحدهم فأسا وأسرع إلى منتصف الطريق وبدأ يحفر حفرا صغيرة, وشاب آخر يثبت الألغام بكل مهارة وذكاء دون أخطاء, وركض الأبطال نحو الأشجار للاختباء خلفها.

واستعدوا….صوت السارات بدأ يعلو ويعلو

الأمطار أخذت تتساقط ثانية, ظهرت أول سيارة يهودية , فداست على اللغم…تناثرت السيارة قطعا …اشتد الرعد بقوة تناول غسان الآربيجي وقذف صاروخا باتجاه السيارة الثانية, فاهتزت الأرض من قوة الصوت, أصابت القذيفة مقدمة السيارة, فطارت في الهواء وتناثرت قطعا…قطعا

الاشتباك

أسرع رفيق غسان إلى المجنزرة الثالثة وبيده قنبلة يدوية,سحب صمام الأمان..ركض باتجاه المجنزرة وصعد فوقها كالأسد الهائج…فتح بابها العلوي ألقى بالقنبلة بداخلها…وقفز في الهواء كقفزة النمر,كان صوت الانفجار قويا..اهتزت أغصان الأشجار,وطارت الطيور بعيدا,انبطح الفدائي على الأرض فتناثرت المجزرة قطعا….واشتعلت النيران بها

شظية صغيرة من شظايا المجزرة,طارت في الهواء كالبرق أصابت رفيق غسان برآسة..فاستشهد على الفور,تصاعد الدخان الأسود..وتكاثف الغيم في السماء بلون رماد النار..وسكنت الغابة وتوقفت الطيور عن التغريد..وأوراق الشجر أمسكت عن الحفيف..حزنا على استشهاد البطل رفيق غسان..

عرس الشهيد

بعد أن توقفت المعركة,وتم تدمير المجنزرات اليهودية,حفر غسان ورفافة حفرة لدفن صديقهم الشهيد,تجمعت الطيور من كل أرجاء الغابة وبدأت تغرد ألحانا جميلة للشهيد ,دفنوا الشهيد بملابسه ودمائه الحمراء,استمر الجداول بالجريان,يقذف دموعه بحزن على فراق الشهيد, ويفرح لان الشهيد فاز بلقاء ربه بدمائه الحمراء,وان هناك من يضحي ..بحياته..ليستمر الجداول بالجريان باسما,قرأ غسان آية من القران الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون صدق الله العظيم….

بعد أن دفنوا الشهيد في الأرض تفرقت الطيور في الغابة,حمل غسان ورفاقه أسلحتهم واتجهوا نحو الكهوف المجاورة في نهاية الغابة ليستريحوا من عناء المعركة.

الغارة

لم تمض دقائق معدودات وهم يسيرون وهاماتهم مرفوعة كأشجار الصنوبر,سمعوا صوت محركات الطائرات العمودية قادمة من بعيد لقد كانت متجهة نحوهم

وبسرعة البرق أخذت المجموعة الأرض,قال غسان:

هل علموا بما فعلنا بهذه السرعة وجاءوا لتمشيط المنطقة بحثا عنا,لا بد أن نقذف هذه المروحيات ونحرقها قبل أن يحرقوا غاباتنا..فلنجهز صواريخ الآ ربي جي

بدأت الطائرات المروحية بإنزال الصواريخ والقنابل الحارقة فوق الغابة بجنون كبير,وبدون معرفة الهدف لتحرقها وتحول ما فيها إلى رماد

غضب السماء

امسك أحد الرفاق الآربيجي بكل قوة لديه وقال:

خذها يا عدو الله سنحرقهم كما حرقنا قلوبهم أطلق قذيفة باتجاه الطائرات العمودية فاصاب إحداها..فتهاوت محترقة واصطدمت بالأرض بكل قوة والنار تشتعل بها..

بكت السماء من شدة الفرح فانهارت دموعها لتطفئ النيران اشتعلت في الغابة,صوب غسان باتجاه الطائرة الثانية وقبل أن يضغط الزناد أنزلت الطائرة قذيفة ضخمة وعند اصتدامها بالأرض انفجرت…فاحترقت الأشجار وتصاعد دخان اسود اللون,غطى أشجار الغابة,شظية من القذيفة أصابت كتف غسان ففارق الحياة الحيا فورا,وشظية ثانية أصابت كتف غسان لكنة تحامل على نفسه,وصوب جيدا,ضغط على الزناد فانطلقت قذيفة الار بي جي مزغردة مهللة وبسرعة البرق ضربت الطائرة فاصابتها.

احترقت الطائرة ومات من فيها,استمر تساقط الأمطار بغزارة لم تعهدها الغابة,فأطفأت النيران المشتعلة في الغابة,فأنقذت السماء غابة حيفا من الاحتراق تبسم غسان رغم الألم الذي يشعر به لكن الحزن ظهر على وجهه لفراق رفيقه حاول النهوض فشعر بألم حاد فالدماء تسيل من كتفه لكنه تحامل على نفسه وربط جرحه بالحطة جيدا ووقف شامخا كشجرة اللوز التي أمامه في غابة حيفا…

الشهيد الطائر

أتسرع غسان إلى رفيقه الشهيد.فوجده يبتسم فانهمرت الدموع من عينيه,وقال في نفسه

سبحان الله,الشهيد يبتسم..انه الان طير من طيور الجنة,قبل غسان رفيقه الشهيد وحمل معوله وبدا يضرب بالفأس كمن يعزق الأرض,فبدأ يحفر حفرة مناسبة,توقف سقوط المطر انطفأت النيران في الغابة,عم السكون معظم أرجاء الغابة إلا من تغريد بعض الطيور وحفيف الأشجار,ودخان اسود يتصاعد من هيكلي الطائرتين المحترقتين,استمر غسان بالحفر والألم يزداد شيئا فشيئا,أخذ العرق يتصبب من وجهه,أحس بأن الأرض تدور به رويدا رويدا …فجلس ليستريح قليلا

بعد دقائق نهض غسان وتوضأ ثم صلى صلاة الجنازة على رفيقه ودفنه بملابسه وردم التراب عليه,كتب غسان على تراب القبر الشهيد البطل عوني احمد قال تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتأ بل أحياء عند ربهم يرزقون صدق الله العظيم

كتب غسان آخر حرف ….سقط على الأرض مغشيا عليه,آخذت الأمطار تتساقط ثانية والظلام ينتشر ستائره على الغابة,الطيور رجعت إلى أعشاشها والحيوانات إلى أوكارها,البرد بدأ يشتد وغسان لا يشعر به توقف النزيف من كتفه وامضي الليل كله في العراء…

في الصباح الباكر أشرقت الشمس أرسلت خيوطها الذهبية,وتغريد الطيور بدا يعلو باحلى الأنغام,حرارة الجو أخذت بالارتفاع تدريجيا,غسان لا يزال ممددا على الأرض دون حراك…ينتظر من يسعفه…

اغاثة خالد

عندما شاهد خالد هذا الشاب الوسيم بملابسه المموهة,ودمه الأحمر أسرع إليه,وتحسس وجهه وملامحه أراد أن يبكي..فقال في نفسه

ماذا سيفيد البكاء لهذا الشاب…خلع خالد سترته ووضعها تحت رأسه,ورجع مسرعا إلى بيته في طرف الغابة,اخذ يركض …ويركض…ويركض…العرق يتصبب من جسمه,ويلهث بشكل مستمر,واستمر في الركض..أسرع..فأسرع..

وصل خالد البيت ودخل إلي المطبخ مباشرة وفتح خزانة الإسعاف وتناول ما يلزم منها واخذ حراما,وخرج مسرعا الجم الحصان وقفز على ظهره كفارس من الفرسان يقاوم الإعصار والمصائب …أنطلق كالبرق اللامع,الشمس ترسل أشعتها بكل حنان لتضفي على الغابة حسا بالحيوية والنشاط.

ترجل خالد عن حصانه,وبدا يسعف غسان ولف جسده بالحرام أشار إلي الحصان كي يقترب ورقد على الأرض ليسهل عليه حمل غسان,ووضعه فوق ظهر الحصان…

ومرت الأيام وأخذت صحة غسان بالتحسن نتيجة العناية الفائقة التي تلقاها من خالد ووالده أخذت تربطهم صداقة متينة,فقص عليهم غسان الحكاية كلها.قال غسان لخالد ووالده

لساني عاجز عن شكركما نتيجة العناية الفائقة التي أوليتموني إياها فقد تحسنت صحتي بسرعة فائقة أرجو أن تسمحا لي بالرجوع إلى قاعدتي في جنوبي لبنان…

أجابه والد خالد قائلا

العذر معك,ولكن أعلم جيدا أننا هنا بأمس الحاجة إلى أمثالك من الأبطال فلا تنسانا

قال خالد لأبيه

أتتسمح لي يا أبي أن أرافقه

رد عليه غسان قائلا

أنت صغير الآن يا خالد والوطن هنا بأمس الحاجة إلى أمثالك من الأبطال لكي تساعدنا عندما نعود ثانية

عانق غسان خالد ووالده وأخذ يسير ببطء شديد والتفت الهم وقال

سأرجع قريبا انتظرني

رد عليه خالد

سأكون في انتظارك يا رفيقي وسأشتري الأدوية اللازمة وأنتظرك هنا في غابة حيفا الحزينة لكي ترجعوا لها بسمتها وضحكتها

ثلاثية … الوقت … ص

أوت 18, 2012

الناشر دار الينابيع للنشر والتوزيع عمان الاردن 1994

بدعم من وزارة الثقافة الاردنية

مجموعة من القصص القصيرة المشوقة والتي تتحدث عن الهم

العربي عامة والهم الفلسطيني خاصة

الاهداء

الى احراش”ونباعة” مخيم العروب…

الى كل العيون في صدري الماطر..اليها

هاني

المركب 1 قالت: سأرحل عن بلاد أنت فيه سيد. ثلاثة بلابل يمخرن جنوبا في الشارع الباكي نحو الزمنكية, في يوم توقفن فيه عن الغناء, ثلاثة نبضهن قفز من جحورهن, وغيرن اتجاهه نحو الغيم المبتل بالسواد. ثلاثة اردافهن مشرعة على روؤس النعوش الفارغة , ثلاثة بلابل بدون حملهن , يتماوجن في طرب اللذة الصباحية , يهمسن في سرائرهن :بأن الذي سهر سيهزم السيد ثلاثة بلابل يمخرن الشارع الواسع نحو سيدهن الامتحان

الفنجان اعد فنجان قهوته الصباحي. انتظر في مقعده وقال: سأغني لسيدة كانت. فنام الفنجان تحت اشعة الشمس الصباحية, ضحك لفنجانه وبقي معه ينتظر.. داعبت اصابعه حافته الذهبية محاولا ايجاد النبض, محاولا جعل الحكمة الصباحية تنطق, حاول اكثر من مرة ان يرفعه, يرتشف منه بضع رشفات, ملتصقا فوق المنضدة بدون حركة تذكر, قال له ذات صباح قديم: لا تكتفي بواحد, كنت تشرب الندى بنهمز رد على فنجانه بصوت خامل: .-لااجيد العزف على الحلم منفردا. فغيمي قد انسل من بين اضلعي, ترك خلفه ذاك الشريان يتدفق عبر بوابات الحلم العربي دون توقف, في الصباح والفنجان نائم في مكانه, باردة اضلعه, حافته الذهبية كانت بدون رذاذ يذكر

الفنجان جلست السيدة الاولى على المقعد الامامي صديقاتها خلفها, فتحت الكراسة بيد مرتعشة الاوصال, انتظرت القلم في يدها حتى يسبح, كانت السيدة,كانت السيدة الثانية تحلق بأذنها الذهبية في كل الجهات, حتى اصبحت ملتصقة تمامابورق الكراسة, في حين كانت السيدة الثالثة تنظر من النافذة’ تنتظر الرذاذ الصباحي, وهي تدندن لاهزوجة صباحية قديمة, حتى انتصفت الشمس, ضحكت ثلاثة بلابل وهن سابحات في لجة الامتحان الخماسيني “بقي هو ينتظر مع فنجانه البارد, حتى اصبح نقطة في غبش الوهم, قالت سيدة: – سارحل عن بلاد انت فيها سيد

بمبه

أوت 18, 2012

قصة قصيرة

قبل ان تدخل منزل الزوجية صرخت في الموجودين:ـ

– الباشا خش اطلع يا قش

بهذه العبارة بدأت بمبة مسيرتها الزوجية مع الزوجات الاخريات لذلك الشيح الباسق بسوق حبات رمل غزة, وكانت بدخلتها تلك قد ملكت الغالي والنفيس من كل الاخريات وامتلكت  قلوب الاخرين , تحمل فوق خصرها مسدسا لم يعهده الرجال ولا النساء في تلك القرية الغزاوية, فقد جاءت من يافا تحمل الكبرياء والعظمة.

     بمبه هذا هو اسمها لا اعرف كيف تم اطلاق هذا الاسم الغريب على تلك الشابة القادمة من بحر يافا لتستقر في تلك القرية الجنوبية وتحفظ كبريات اسرارها وتمسك بكل المفاتيح, التي امتلكها زوجها وتدير امور الدفة في غيابة فهي التي توزع الرعاة وتشرف في المساء على عملية الحلب التي  تقوم بها النساء الاخريات, بمبه هذا هو اسمها.الذي تحب

قالت ذات ليلة مضمخة بالكحل الاسود:

لو أن للريح راية لمحملتها بين اذرعي وذهب لاستنشق اريج بحر يافا, واملأ كفيٌ من مياهها وأنام كباقي النساء حافية, ورحت احلم بطفل يغدو بعيدا حاملا مشعلا  فوق هامته ويصرخ في الواقفين حول الموائد بلا حراك يذكر

ايها النائم ما بين شعاع  المياه وزوبعات الخليج افق وانظر

خرجت صباح اليوم التالى الى سوق المخيم حاملة فوق رأسها  ذكريات  الرعاة وهم يتوجهون بقطعانهم الى البرية, مسحت دمعة صغيرة انسالت عل خدها كنسمة برية, وتابعت المسير , وهي تنظر حولها الى الحجارة المكومة على الطريق  بالوان الورود, ارادت ان تلتقط حجرا وتتابع المسير فعدلت عن الفكرة , ففي البيت ينتظرها احمد وخلود , لكي تعود لهم بالخبز والخضروات بعد ان تبيع ما تحلبه من عنزتها الشامية صباح كل يوم

سلكان

أوت 18, 2012

قصةٌ  قصيرةٌ

إهداء إلى البطل الاستشهادي سعيد الحوتري

ما أن ْ سارَ الدّمُ في السلكِ الأحمرِ حتى نامتِ العصافيرُ الصغيرةُ في أعشاشِها , ما أن دبت الحياة في السلك الأزرق حتى توارت الآذان خلف نواقيسها, احتضنها بين ذراعيه حتى نامت نوما عميقا شاربة من حلاوة العطاء حتى الثمالة, أقفل سحّابُ سترته , وسار نحو المعهود الملهى الليلي , طالبا لذة أخرى, يستنشق أريجُها المعبق بنسمات حيفا البحرية.

 لم يكمل  ربيعه العشرين بعد, شرب من فجر عمان حتى الثمالة,وارتوي من عصر عمان فأشبع الظمأ,  فأوجعته الغربة بقسوتها المرّة, هاله ما يرى من شرور تحوم حول أحلامه الصغيرة, بيوع تصك حوله, رايات كريهة تخفق في سماء عمان الحزينة, رايات سوداء تخفق عالية على  بوابات الشارع العربي المهزوم على أعقابه.

 عيناه كوكبان تنيران القلب المكبل بالأصفاد نورا يهتدى  به في ظلمة القهر الذي نحيا, عيناه دمعتان نازلتان على الذي مضى ولم يأت بعد, لم يحن أوان القطف بعد, لم يحن أوان النسيج الليلكي بعد, عيناه زهرتان بيضتان وقت الغسق.

قالت له والرمش يغازل الضوء القادم من عتمة البؤس:

–   لولا زمان الردة لكانت العيون تتغزل  في  بطن العتمة.

همس لها واللّحظ  ينادي العيون الشاردة في شوارع عمان:

 –   كنت أحاور شاردات العيون وقت الظهيرة.

 تناول تأشيرة السفر فرحاَ بما سيشاهد لأول مرة منذ أن أبرقت الخواطر في قلبه المحب لكل ما هو آت عبر موجات البحر الذي يهوى,  على غير عادته نزل درجات سلم السفارة مهرولاَ نحو بيته, , لم يصدق عندما أعلن عن اسمه في قائمة الموافقين على سفرهم, حاملا معه كل طقوس العشق الذي نما في داخله, ركض في الشارع على غير عادته, ما أن وصل البيت حتى أعلن المفاجأة الكبرى, وحلمه بالسفر إلى الأرض التي لم يرها بعينيه, سمع الكثير من الحكايات, شاهد ملايين الصور, حفظ أسماء مدنها وقراها, عشق هواء حيفا ولم يستنشقه بعد, عدّ الموجات موجة تلو الأخرى, كتب اسمه على غيوم  يافا آلاف المرات, نقش همساته فوق رمال عكا الطرية, رسم شعارات الوحدة على عشب الخليل مرة تلو المرة, ردد عشرات الآيات ونام ليلته هذه غير مصدق  بالموافقة, نام كطفل يداعب بأصابعه الصغيرة نسمات الهواء الجبلية.

 غرفته خالية إلا من خارطة لفلسطين وصورة له وهو يستحم في البحر الأحمر, هناك خيط رفيع يتدلى من أعلى السقف مربوط بمديدة خضراء تتطاول حتى تعانق حافة الشباك العلية, ومكتب صغير بال أكل الدهر منه وشرب حتى بات لا يعرف إذا كان مصنوع من الخشب أو الحديد , على سطحه كتاب مروّث بصورة للقسام وآخر يحمل صورة لسفينة على هيئة طائر نورس, وثالث يحمل على غلافه علامة سؤال فوق قبة الصخرة.

بعض الأوراق منظمة فوق بعضها البعض, مجموعة من الأسلاك الملونة, بعض القطع المعدنية, مقص, قطـّاعة أسلاك, مجموعة مفكات, أشرطة لاصقة, علبة كبريت, بعض المخططات الهندسية مرسومة على أوراق مصفر لونها.

 لم تكن خيوط الفجر من قد انبلجت, حتى استيقظ سعيد من نومه العميق كعادته, قام بعدة تمارين رياضية خفيفة, ثم توضأ وغير ملابسه وانطلق إلى المسجد.

 ***

 غريبة كل الأقدام التي تطأ رما لك يا حيفا, مهينة كل الأنفاس آلتي تمتزج بهوائك, لوثوا غيومه المشبعة بقطرات الماء, أقاموا فوقك جسور الوهم ومحميات القردة, لونوا السماء بالوان سوداء, أهانوا الموجات باللعب فيها, غريب كل من قدم إليك يا حيفا من الغرب , لا يعرف أن للرمال عيون ترصد الخطوات وتختصر الأزمنة وتلبس الإكليل الأبيض استعداد لليلتها الموعودة.

 لبست حيفا ملابس الزفاف, وتزينت بالحلي لعرسها القادم, أعدت العدة لليلة الموعودة,  قد حان الوقت لتقري عينا, وتنامي ليلة طويلة حلمت بها منذ أكثر من ثمانية عقود, قد حان وقت الزفاف, تراقص حبات الرمال مع موجات البحر المغنية, تماوجت القوارب طربا على أنغام موسيقى قادمة من أعماق الماضي, لبس البحر حلة بيضاء على شاطئك, وأعلن أن ميلاد الفجر قد اقترب,  طقطقة الأقدام السوداء قد حان صمتها.

 اقتربت الساعة وحان عناق الاسلاك, عناق الروح لقبلتها, عناق الرضيع لثدي أمه الحبلى بمواريث العصور الذهبية, اللحظات تخطو هاربة نحو الجهة الاخرى, عيون ادمتها الغربة, فلوب تكسرت فوق أمواج حيفا لاهثة, رموش تتهصر على عيونها, اقتربت الدقائق وحان الهمس.

 صوت آت عبر بوابات الجنوب المحرر ” منتصب القامة أمشي  مرفوع الهامة أمشي في قبضي قصفة زيتون وعلى كتفي نعشي” يشد الغيم الى  جبالها, لم تبهره أضواء المدينة بموسيقاها الصاخبة, سائر في رحم النسيم  القادم عبر نوافذ القهر المؤرق من كل الجهات, أصوات تتراقص على أنغام أجسام لا تعرف سوى العري, تتماوج أمام عدسات الموت القادم من عمان, لحظات وينتهي المشهد, وتتبلور الحكايات القادمة من الغرب, تعلن أن الصمت سيد الأزمنة, والغواني قديسات قدمن أجسادهن المثلجة قرابين لكل الجدائل المنتثرة على أكتاف أشباه الرجال الغرباء في وطني.

 أمم تأتي, بارجات تحط, حاملات تقلع, لتصمت عيون تناجي الليل, وتكتحل برذاذ الحرية القادمة, جموع تتماوج على قارعات الطريق:

–   أرجعون… أرجعون.

أخرى تصرخ:

– أعيدوا لي زمن كنتُ أتنفس فيه.

 أخرى ناجية, لا تعرف أنها ستغوص في وحل الموت مرة ثانية لتعلن أمام العدسات, بأن المشهد غير المشهد, وأن القادم سيكون علينا الأسوأ.

–   لنرحل.

 تعلن عمان الحداد على الغواني, ويعلن الحداد في حارات عمان  على سعيد. ويعلن الصمت في العواصم الأخرى, وتبدأ حكاية الموائد الفارغة من جديد , لتعلن صمت الآهات الحزينة, وأن القاتل سيد الأبرياء والمقتول سيد الارهاب.

وتعلن الحارات بأن:

–   سعيد سيد شهداء  العصر الأت .

 

*****

 
هاني الطيطي
20\6\2001

الخردة

أوت 18, 2012

دون سابق انذار القت بكل ما في جوفها دفعة واحدة, متناسية ما كان بيننا من تعانق الغيم فوق فوهات البنادق الثكلى, هكذا دون سابق ولو نظرة باردة.

القى بكل جسده المثقل بحبات اللوز على الاريكة وقال:

– كل سراب غيم زائل من دمعك!

محمد  له شاربان يكادان أن يفارقا سنين النكبة الثالثة , حاجبان قـطـّرا عن ماء مبتل بالسواد, عينان شاحبتان , لولا النكسة الثانية لكانتا قبلة العشاق وقت السحر.

ردّت عليه:

– ما من قبلة إلا وأنت شار دها!

حمل ما في جوفه وانطلق لاهثا عبر أزقة المخيم, أنهكة التعب والحنين إلى شحرورة يغازلها عند شجرة تين في الصباح, ما أن وصل إلى السيارة , وفتح الباب وانسل بداخلها كنسر يبحث عن فريسة في صباح مضمخ بماء الورد الذي عشق, تقلبت الأفكار في رأسه عسى أن يجد مخرجا لما هو فيه, فاجأته الكلمات من خلف النافذه:

– ما من شك أن القادم سيكون أسوا!

ضحك كطفل يداعب ثدي أمه, وأسند رأسه على قارعة السنين الحبلى بألم الحسرة على الذي مضى, أدخل المفتاح في جوف العتمة, حاول أن يداعب السواد الملتف حول عنقها الليلكي, فأدهشته الذكرى البالية, وتبسم لغد يحاور زغردة النساء في الطرقات, هتافات العشاق للقاء الأحبة في المنفى, أنين الأمهات اللواتي توشحن بالسواد الباكي, لرصاص غادر يفرّق الطفل عن ثدي أمه, لرفرفة الأعلام فوق منابر العشاق, لنعوش تركض أمام فوهات البنادق بلا أنين.

ما أن أدار الطقة الأولى حتى هوت من ذاكرته صور قد أودعها بطن الليل, صور قد مزقتها كلمات جوفاء تخرج من ساريات السفن الهشة, السابحة في لجة الرمال المتحركة, الحاضنة لكل خوف في سوارينا.

لم يك يدرك أن الطقة الثانية هي الأخيرة, فاشتعلت الذكرى باسمة في قلبه وداعب أصابع القلب المنكفئة على عنوقها, لم يك يدرك أن الطقة الثانية, بداية لمسير طويل لا نهاية له سوى هتافات أطفال تتراكض معلنة الحداد على كل ما هو آت, معلنة الحرب على ما هو عفن في نفوسننا, على كل ما هو أسود في ليل ظلامنا الطويل, لم يك يدري أن خطوات النصر تبدأ بشرارة تكاد ترى في عتمة القهر, تنير دروب لجيل يحمل رايات متضمخة بدماء شهداء صارت لهم احتفالات اولى فوق معابر القهر, احتفالات لا يدرك كنهها إلا زغاريد النسوة في الطرقات خلف النعوش الباسمة, أمام الساريات البيضاء التي باعت بضاعتها, حول هتافات أطفال مخيم طولكرم, يتراكضون أمام زفة الشهيد ….., يبحثون في بقايا السيارة عن قطعة نحاس أو ألمنيوم ليبيعونها خردة .

منتصر

أوت 18, 2012

لا تشتري

واصنع

نبيضة أو مدفع هاون

وإذا ضربت بهما

فأوجع

حينها سابق الريح

وأقذفها وأنت واثق

من دقة الإصابة

لا…لا تيأس

إذا أخطأت عين الغادر

فأعد الكرة ثانية

ارجع الى الخلف وانطلق

بثبات نحو الهدف

واقذف

واشتم

كل من قاتل بسلاح

قد شراه

وحيي

كل من قاتل بسلاح

قد صنعه بيديه

حييت يا قاذف الحجر بالنبيضة

حييت ياقاذف الهاون

اصنع

نبيضة  أو مدفع هاون

ولا تساوم

منتصر من قاتل

بسلاح

قد صنعه

مهزوم من قاتل بسلاح

قد شراه

واقذف

واشتم

اشتم

كتبت في اربد الموافق 15\5\2001

مُواجَهَةٌ

أوت 18, 2012

يلوحها في الهواء…

مرة تلو الأخرى محملة بالحجارة والوعيد

وزغرودة من فم امرأة..

تنطلق مبهجة لغد مشرق جديد

ودبابة سوداء تتراجع على الطريق

كنعامة تدفن رأسها في الطين

ورصاصة من رشاش جبان

تنطلق لتقتلَ الطفل الجريء

أما نحن فلا نصرخ إلا بالتنديد

والشجب

وتجويع الشعوب

وجيوشنا الجرارة لا همّ لها سوى الوقوف والتلميع

وسدّ الأنفس

والتفكير بالكولا

والتقبيل

خفايا في الروح ترعد

تتعالى

تصرخ وتلمع

بالحرية وتحطيم السجون

وتغيير الخرائط

وصك العهود

لأنام تحت ظل زيتونة أو تين

ونحلم

بغد مشرق

جديد